Tuesday, December 23, 2008

حتي عم امين

... يجب ان تكوت شيئا نافعا ..حتى نصبح فخورين بك .
هكذا ردد ابى دائما ...
حتى هذه اللحظه لم ادر كيف اكون شيئا نافعا حتى اجعلهم فخورين بى لكننى يوما ما سأفعل
ابى يقول انه شىء نافع وانهم ((لست ادرى على وجه التحديد من هم )) فخورون به .
لذا لا شك عندى من اننى يوما ما سأفعل
كل ما فعله ابى افعله انا ولكن احتاج الى بعض الوقت
رأيته يحلق ذقنه وانا صغيرا واردت دوما ان افعل مثله والان احرث وجهى صباحا قبل النزول من البيت
ورأيته يصرخ كثور وحشى امام التلفزيون فى مباريات الدورى وهانذا افعل اصرخ كقطيع من الثيران امام المباريات
بقى موضوع ان اكون شيئا نافعا وان افعل ما يجعلهم فخورين بى .. اعتقد اننى لم اتمكن من فهمه حتى الان .
لكننى يوما ما سأفعل
ويبدو انه هذا اليوم ...
مفترشا ذراعى الايسر على البنش وملقيا رأسى على الذراع واغط فى نوم عميق فى المدرج
كان هذا هو حالى فى منتصف المحاضرة الثانيه التى نتلقاها نحن طلبة الفرقه الثانيه بكلية العلوم
كان الرجل المحترم الذى يلقى المحاضره كالعاده متحمسا لاقناعنا بأشياء كثيره
او على وجه الدقه متحمسا لاقناع المستيقظبن منا بهذه الاشباء
اعترف اننى لم اكن يوما طالبا مجدا او مجتهدا
كانت المحاضرات هى المكان المفضل لدى للاسغراق فى النوم
وكان مشهدا تقليديا ان يطردنى احد الاساتذه بعض ان ينجح احد الجالسين جوارى فى ايقاظى اثناء المحاضره
حتى بلغ بهم اليأس
فلم يعد احد يكترث بى او بنومى
لم يكن نومى اليوم تقليديا
كنت مرهقا بشده وكنت فى حاجه ماسه الى النوم
انتهى الرجل المحترم من شرحه
وتركنا وهو على يقين من انه اخبرنا بما لم نكن نعلم وتركنا اكثر جهلا بالكثير من الامور
لكنه وكالعاده خرج مرتاح الضمير ككل الاساتذه التى تخرج من محاضراتها مرتاحة الضمير
كم اتمنى ان اقابل ضمائر هؤلاء الساده المحترمين
انها حتما فى مكان ما فى الامام الشافعى او الغفير .... حيث ترقد الرقده الابديه
غادر الرجل الفاضل القاعه وانا على اثره بعد ان علمت انه لا توجد معامل اليوم
انه يوم الثلاثاء .... يوم المحاضرات النظريه
بالامس كان يوم المعامل
امضيت فى المعمل اكثر من خمس ساعات
وجلسه مع احد المعيدين بعد انصراف الطلبه لمده ساعه تقريبا
كنا نحضر بعض الواد التى يحتاجها فى رسالته
كنت احب الجلوس فى المعمل لمساعدته وكان يسمح لى ايضا احيانا بتحضير ما اشاء
من مركبات مختلفه شريطة الا تكون مكلفه ...والا تؤخذ من عهدته الشخصيه
اما اليوم فسأكتفى بهذا النوم .. اقصد بهذه المحاضرات وسأعود مبكرا الى البيت
اسكن فى بنايه قديمه فى منتصف شارع قصر النيل
المسافه من الجامعه الى البيت هى ربع ساعه سير على الاقدام لا اكثر اعتدت ان امشيها
مع احد الزميلات او امشيها وحدى ...فى حاله عدم وجوده هذه الزميله التى لا تواظب على الحضور كثيرا
اقتربت كثيرا من ناصية العماره لكننى فوجئت بسياره اسعاف تقف فى مواجهة العماره ويقف بجوارها تجمع من الناس بعضهم من سكان العماره وبعضهم من اصحاب المحلات المجاوره فى الشارع وبعض الماره بالاضافه الى خمس رجال يرتدون ملابس الشرطه على رأسهم ضابط صغير الست وضع يده فى وسطه وهو يشير الى عمال سياره الاسعاف بحمل شىء على الارض
اقتربت وسط الزحام حتى استطعت ان اتبين جسد ملقى على الرصيف بجوار العماره مغطى بملايه بيضاء وبجواه قيىء كثير منتشر على الارض على شكل خط مما يجعل التصور سهلا لصاحب هذا الجسد يتقيىء بشده فى هذا الاتجاه حتى يسقط فى هذا المكان ويغطى بالملايه ...
لم يدم فضولى كثيرا لمعرفة هوية صاحب الجثه ...
كان طرف جلبلبه البنى القذر يوحى بشخصيته
..... وا اسفاه ........
انه بوابنا العزيز ....... ((عم امين ))

وعم امين لمن لا يعرف هو الشخص الذى لا يوجد به حسنه واحده سوى اسمه عم امين
اما هوا
فهو البواب الذى يسرقك كل يوم ويشيح فى وجهك كأنك ساعى فى مكتب ابوه ويشيعك باللعانات وانت تمضى الى عملك صباحا او وانت عائد الى بيتك عصرا وقلما لا تراه رافعا يديه بالدعاء عليك
عم امين ...من الشخصيات التى لن تجد وخزا في ضميرك عندما تلعن سلسفيل جدوده او تبصق فى اتجاهه ( بالطبع دون ان يراك ) وتمضى فى سبيلك
عم امين ............... رحمه الله
كان طاعونا يقف امام باب عمارتنا
وباءا متجسدا فى شكل بواب
لصا وبلطجيا ونصابا وافاقا فى قوام منحنى وقدم اعرج وعينين ضامرتين ورائحه نتنه دائما ويد فى منتهى القذاره وحذاء قديم لاحد سكان العماره مع انه يقسم انه وجده فى صندوق زباله بشارع الامير الحسن .
عم امين بواب العماره منذ الازل تقريبا
يقال انه موجود هنا منذ ان شرع اصحاب العماره فى بناءها ..وهذا شىء يعود تاريخعه الى اكثر من خمسين عاما
اما نحن ...اعنى اسرتى فقد انتقلنا للاقامه هنا منذ خمسه عشر عاما تقريبا
كنت عندها فى السادسه
وكان محظورا على النزول الى الشارع للعب مع اقرانى
لان الشارع به اولاد شوارع ... وانا لست منهم فيجب الا العب معهم
لذا قضيت طفولتى كلها العب مع عم امين
كانت لعبنى المفضله ان انزل فى المصعد الكهربائى واترك الباب مفتوحا واطرق على باب غرفته المجاوره لباب المصعد حتى اسمع صوته يجر قدميه نحو الباب فأسرع الى المصعد واغلق بابه واستمتع بسماع عم امين يسب أبائى ويلعن اجدادى وهو يقسم ان يقتلع خصيتى من مكانهم ويجعلهم طعاما للغربان ..
كان هذا الامر يتكرر يوميا
وكنت استمتع به بشده
رؤية هذا المسخ وهوا يغلى كانت احب هواياتى
هو ايضا كان يستمتع بالسباب واللعن وهو يعلم ان احدا لن يرد عليه .. لن يخرج احد بالطبع لسؤاله عمن يوجه له كل هذا السباب ....
وفى احد المرات نزلت على السلم المجاور لباب غرفته وتسللت بخفه بجوار الباب كى اطرق عليه واجرى كما اعتدت ان افعل .... لكننى وجدت الباب نصف مغلق
كنت انوى ان اصرخ فى الغرفه لكى يستيقظ من النوم ان كان نائما واجرى الى السلم واهرب بسرعه الى البيت كما اعتدت وانا اثق انه لن يتمكن من اللحق بى وهو عاجز عن التحرك بسرعه
لكننى عندما مددت رأسى داخل الباب بهدوء رأيت هذا الحيوان يقف بوجهه القذر خلف الباب فى انتظارى وكاد يطبق على ملابسى لولا اننى سقطت لاسفل من الخوف فلم يتمكن من القبض على وكالعاده نجوت من براثنه اللعينه .
كنت انظر اليه وانا خارج برفقة والدى ووالدتى واخرج له لسانى ...
وكان يعلو صوته كل مره وهو يلعن اليوم الذى جاء بالزباله ليسكنوا فى المنيل ...وكيف تركوا اكواخهم فى عزبة الصفيح ...
كان ابى يتجاهله تماما ولم اكن ادرك اصلا ان الكلام لنا .
كان رجلا قذرا كما لم ارى يوما .
وكان يصر على جمع مالا بقدر يكفى لاحتياجه من المعسل والحشيش بصفه دوريه
نظير القيام بأعمال لم يقم يوما بها
عشرة جنيهات شهريا من كل شقه نظير نظافه السلم الذى لم اجده يوما نظيفا
وخمسة جنيهات ايضا من اجل رعا ية نباتات الزينه الموجوده فى المدخل
على الرغم من انها ذبلت وماتت منذ سنوات الا ان النصاب يصر على جمع المبلغ شهريا
اما عن العمل الذى يؤديه فهو بمنتهى الدقه لاشىء
الا اذا اعتبرنا الجلوس امام المدخل بالجوزه ليل نهار والكحه بصوت راعد واحتساء الماء من القله ثم التجشأ بعده عملا يتقاضى عليه اجر .
كان المرحوم شيطانا ينتمى الى قاع الجحيم
صباح اليوم اثناء نزولى فى المصعد ركبت معى مدام جنات السيده الوقوره التى تسكن بالدور الاسفل منى
وعند وصولنا الى الدور الارضى خرجت لاجد عم امين ترك قلته كالعاده بجوار باب المصعد
حملت القله فى يدى واخذتها الى باب غرفته وطرقت الباب حتى سمعت صوته الكريه
اخبرته للمره الالف الا يضع القله بجوار باب المصعد حتى لا يتسبب احدهم فى كسرها
اخبرته للمره الالف لكننى كنت انوى ان تكون المره الاخيره
اخذ يهذى بكلمات لم افهم منها شىء المهم وضعت القله امام غرفته وانصرفت الى الجامعه
كان تصرفا عاديا من عم امين اللعين
الذى طالمنا اعتبرنا خدامه فى هذه العماره
وطالما شعر اننا نسلب حقا من حقوقه بالسكن فيها .
اصطنع الضابط الشاب دور المحقق الفطن وسأل الموجودين سؤال عام وكأنهم جميعا على علم بحقيقة الرجل
- الراجل ده ما كنش بيشرب حاجه ..ما كنش بيبلبع اى هباب على عينه ...؟
وليته ما سأل
اذ تبرع ابناء العماره والشارع وحتى الماره الكرام كل بما كان يراه من عم امين من تصرفات السطل والسكر فى الطرقات وكيف ان جوزته اللعينه لم تكون تخلو من الحشيش وان فمة الكريه لم يكون يخلو من الافيون مطلقا .
كان رجل ذو شعبيه حقا
لم ار هذا العدد من الناس يجمع على كره شخص وازدراؤه كما اجمعوا على عم امين
هز الضابط الصغير رأسه ..دلاله على استيعاب الموقف
ثم صرح تصريحه الخطير
.... الراجل زوود العيار شويه النهارده ..طرش وغار فى داهيه
الله يرحمه بقا
وكانت هذه شهادة وفاة عم امين .....
لم اخف سعادتى بانتهاء الموضوع عند ذلك الحد ..., لم يكن امين اللعين يستحق من وقت السكان والماره اكثر من ذلك
قرر الضابط ان يأخذ الجثه الى طبيب الوحده الذى سيصرح بالدفن حتى يظهر له اهل ليأخذو هلاهيله ومقتنياته من الغرفه الكائنه بجوار باب المصعد .
لم يكترث احد اما انا فقد سلكت طريقى بشكل اكثر من عادى الى المصعد ووجدت مدام جنات ايضا بجوارى صاعده الى شقتها قالت لى وعينها تفيض بالاسى ...
- الله يرحمه بقا ما كانلوش حاجه عدله ...و اراح واستراح
كلفت نفسى عناء مط شفتى فى حزن يشهد الله انه كان غير حقيقى ...
غادرت عند دورها وصعدت انا الى شقتى
دلفت الى الشقه لاجد امى واثنين من شقيقاتى واقفين ليشاهدوا تجمع الناس حول الجثه وسيارة الاسعاف
التفت امى نحوى فور سماعها صوت الباب يطرق وتساءلت ...
- امين البواب مات يا صالح ؟؟؟؟ دا انا كنت فاكراه ما بيموتش !!!!!
ابتسمت رغما عنى وقلت
- حتى الان مات ولكن من يدرى .., ربما كان له رأى اخر
ضربت امى بكفها على صدرها وهى تصيح
- تف من بقك ليصحى ويرجع تانى ..... الراجل ده من كتر ما عتتق هنا انا قلت مش هيموت .
غادرت الصاله الى غرفتى وانا ارد على امى قبل ان اغلق باب الغرفه
- الجميع يموتون يا امى ...الجميع
اتجهت الى مكتبى المتواضع وانا ابتسم فى نشوه واخرجت من جيبى قاروه من ذلك النوع الصغير جدا المستخدم فى اخد عينات الاحماض فى المعامل واكملت وانا اضعها فى الدرج واحكم غلقه

-(( عشرة ميلى كلوريد زرنيخ كفيله بقتل اى شخص يا امى ))

(( حتى عم امين ))

7 comments:

Layla said...

طب عموما بتخلي الطلبة تتخرج وعندها ميول للعنف.. بيطلعوا ارهابيين او قتلة محترفين

:D:D:D

Unknown said...

واااااااااااااو يا راجل قتلته فعلا؟؟؟ بس قصة حلوة والله مع انها متستاهلش النهاية دى يعنى بس السرد حلو اوى

جنّي said...

كان الله مع اهل غزة وليغفرالله لنا تقصيرنا معهم ..

كل من له عينان يرى التواطؤ الكريه من حكومة فاسدة وحزب فاسد .. اما وانه قد خدع رئيس اكبر دولة اسلامية .. فهو غير كفيل بحكمنا .. نتحدث عن تواطؤ رئيس جاهل وحزب فاسد وحكومة اقرب الى الصهيونية ..ان لم تكن كذلك ..
اما حماس فيكفيها فخرا انها لم تستسلم كما استسلم غيرها .. لم تسرق اموال الشعب الفلسطيني كما فعل غيرها ..
حماس التي قدمت فخر شبابها شهداء في ساحة الجهاد والزود عن شرف الامة العربية والاسلامية ..
حماس العزة والكرامة والشرف ..
ولكن ماذا نحن فاعلون ؟
اقول لا للوقفات والاستنكارات ولكن اجمعوا المال والمؤن والسلاح وليفعل كل منا ما يستطيع لايصال المال والمؤن والسلاح لاهل غزة ..
ويارجال سيناء الشرفاء قوموا بايصال المال والمؤن والسلاح لاخوانكم في غزة الصامدة..
ولعنة الله على الكلب الذي استقبل العاهرة اليهودية للتواطؤ لضرب غزة ..
وحسبنا الله ونعم الوكيل

Dr. Ibrahim said...

Arsenic poisoning :D

after studying forensic& toxicology

we will be criminals :D

But how you are in college of sciences...

إيمان قنديل said...

طبعا ظهرت الرؤية، زرنيخ في قلة الغير مأسوف على شبابه العم أمين،ولكن اليس هذا الفعل يتعارض مع شرف المهنة، عموما طالب الطب الذي فعل ذلك هو تلميذ نجيب لأساتذتة الذين لا يراعون الله في تصرفاتهم




القصة جميلة ، ولكن الجزء الأول الخاص بطالب الطب كان يمكن إختصاره الى الربع، ولي إعتراض على كلمة شيء مهم، فلماذا لم يقل الوالد إنسانا مهما مثلا



تحياتي

اسعار العملات said...

اية الكلام دة ... !!

Anonymous said...

فندق تابع للجامعة !! هذه معلومة شيقة فعلاً.. أسمع بها للمرة الأولى! الحقيقة أنني شرعت في قراءة الموضوع، وفوجئت بوصولي لجانب التعليقات في وقت مر دون أن أشعر به! وهذا بلا شك نتيجة الاستمتاع بقراءة هذه اليوميات الحافلة.. ومشاهدة لقطاتها النابضة بالحياة بمختلف ألوانها وأنواعها.. شكراً لإمتاعنا بأخبار رحلاتك ابن بطوطة..